أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى | |
المتواجدون الآن ؟ | ككل هناك 8 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 8 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث لا أحد أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 185 بتاريخ 10/12/2024, 12:55 |
احصائيات | هذا المنتدى يتوفر على 715 عُضو. آخر عُضو مُسجل هو ameltalia فمرحباً به.
أعضاؤنا قدموا 441 مساهمة في هذا المنتدى في 324 موضوع
|
المواضيع الأخيرة | » تقييم أداء التسيير البيداغوجي للمؤسسات التعليمية12/28/2021, 21:02 من طرف attouhoucine» استراتيجيات التعلم les Stratégies d'apprentissage12/28/2021, 21:00 من طرف attouhoucine» استراتيجيات التعلم les Stratégies d'apprentissage12/28/2021, 20:58 من طرف attouhoucine» الخـــدمـــــة الداخليـــــــــة-12/28/2021, 20:56 من طرف attouhoucine» توجيهات عملية حول تنظيم و تسيير أرشيف المؤسسات التعليمية12/28/2021, 20:47 من طرف attouhoucine» الامانة مصلحة في المؤسسات التربوية 12/28/2021, 20:45 من طرف attouhoucine» التقويم التربوي12/28/2021, 20:38 من طرف attouhoucine» الجرد و المسؤولية للمكتبة 12/28/2021, 20:35 من طرف attouhoucine» المكتبة: دورها في رفع المستوى التعليمي و تنظيمها12/28/2021, 20:31 من طرف attouhoucine» التقرير العام لسير المؤسسة - الثانوية - المتوسطة -12/11/2021, 15:24 من طرف attouhoucine» دور مفتش التربية الوطنية لادارة الثانويات - من اعداد السيد مفتش حناشي احمد -7/5/2021, 21:01 من طرف attouhoucine» برنامج تنظيم مركز إجراء امتحان رسمي7/5/2021, 19:12 من طرف adkheir » " اليوم الإعلامي التحسيسي للوقاية من العنف في الوسط المدرسي" 28 أفريل 20151/25/2021, 17:51 من طرف attouhoucine» التمييز بين بيداغوجيا الأهداف وبيداغوجيا الإدماج 22221/25/2021, 17:41 من طرف attouhoucine» التمييز بين بيداغوجيا الأهداف وبيداغوجيا الإدماج1/25/2021, 17:39 من طرف attouhoucine» بيداغوجية حـــل المشكلات1/25/2021, 17:32 من طرف attouhoucine» • إستراتيجية تناول مجال مفاهيمي• من منهاج السنة4 متوسط1/25/2021, 17:28 من طرف attouhoucine» إعداد وحدة تعلمية1/25/2021, 17:24 من طرف attouhoucine» موضوع جيد حول القانون الإداري1/24/2021, 18:30 من طرف attouhoucine» التقويم التربوي1/24/2021, 18:25 من طرف attouhoucine» دروس الاحتياطات الامنية في المخبر لتلاميد هندسة الطرائق1/24/2021, 18:21 من طرف attouhoucine» دور أعوان المخابر في تفعيل الأعمال التطبيقية 1/24/2021, 18:14 من طرف attouhoucine» قراءة في القانون التوجيهي لنظام التربيّة في الجزائر1/24/2021, 18:07 من طرف attouhoucine» قراءة في القانونالتوجيهي للتربية 1/24/2021, 17:54 من طرف attouhoucine» التعرف على الأجهزة المخبرية وطرق صيانتها11/29/2020, 13:34 من طرف attouhoucine» برنامج رائع لتسيير مركز امتحان 9/10/2020, 08:33 من طرف كريم ياسين » برامج الواضح للتمدرس12/3/2018, 20:15 من طرف هداية الأمل » مشروع النظام الداخلي جاهز بصيغة word11/23/2018, 16:53 من طرف attouhoucine» أسئلة وأجوبة نموذجية للامتحانات المهنية للالتحاق بسلكي الإدارة والتفتيش لسنة 20177/9/2018, 14:20 من طرف عبد العزيز حواس» أسئلة وأجوبة نموذجية للامتحانات المهنية للالتحاق بسلكي الإدارة والتفتيش لسنة 20177/9/2018, 13:06 من طرف عبد العزيز حواس» نسخة ثانية لتسيير مركز إجراء 20175/3/2017, 22:09 من طرف عبد العزيز حواس» نسخة ثانية لتسيير مركز إجراء 20175/3/2017, 22:05 من طرف عبد العزيز حواس» نموذج للتعلم و تحضير مشروع مؤسسة جيد جدا10/14/2016, 21:53 من طرف لبلعربي2016 » مخطط إحصاء وتصنيف الوثائق المتداولة على مستوى المؤسسات التعليمية10/14/2016, 21:49 من طرف لبلعربي2016 » برنامج تسيير وتنظيم مركز إجراء5/9/2016, 15:21 من طرف عبد العزيز حواس» نسخة مطورة لبرنامج تسيير مركز إجراء رسمي5/4/2016, 18:35 من طرف عبد العزيز حواس» برنامج تسيير وتنظيم مركز إجراء5/3/2016, 11:20 من طرف عبد العزيز حواس» برنامج تسيير وتنظيم مركز إجراء5/3/2016, 11:11 من طرف عبد العزيز حواس» تكنولوجيا الإعلام والاتصال في الخطاب الرسمي2/7/2016, 18:20 من طرف عبد العزيز حواس» دورة تكوينية في الإعلام الآلي للمبتدئين2/7/2016, 18:14 من طرف عبد العزيز حواس» درس في الإكسال2/7/2016, 18:04 من طرف عبد العزيز حواس» كيفية إنشاء بريد إلكتروني على الgmail2/7/2016, 17:58 من طرف عبد العزيز حواس» مقدمة عن الحاسب الآلي2/7/2016, 17:52 من طرف عبد العزيز حواس» الموسوعة الحاسوبية 22/7/2016, 17:09 من طرف عبد العزيز حواس» الإدارة المالية للمطعم المدرسي في طبعة جديدة.12/25/2015, 13:41 من طرف beny22 » مراجع الإدارة المدرسية11/14/2015, 15:14 من طرف attouhoucine» مشروع المؤسسة آلية لتفعيل الحياة المدرسية 11/14/2015, 15:09 من طرف attouhoucine» نصوص تنظيمية متعلقة بقطاع التربية11/14/2015, 15:01 من طرف attouhoucine» برنامج جيد جدا لتسيير مركز بكالوريا 11/14/2015, 00:24 من طرف attouhoucine» قرار رقم 297 مؤرخ في 17 جوان 2006 11/14/2015, 00:19 من طرف attouhoucine» مستجدات التشريع المدرسي المتعلقة بإنشاء مجالس التعليم وتنظيمها وعملها في المدارس الأساسية ومؤسسات التعليم الثانوي11/14/2015, 00:17 من طرف attouhoucine» قرار رقم17 مؤرخ في06 جوان 2006 يتضمن تأسيس مشروعي المؤسسة والمصلحة وتنظيم العمل بهما11/14/2015, 00:17 من طرف attouhoucine» قرار رقم 295 مؤرخ في 17 جوان 2006 يعدل ويتمم القرار رقم 151 المؤرخ في 26 فبراير 1991 والمتضمن إنشاء مجالس التوجيه والتسيير وتنظيمها وعملها في مؤسسات التعليم الـثانوي11/14/2015, 00:16 من طرف attouhoucine» مصالـح المؤسسـة11/14/2015, 00:12 من طرف attouhoucine» التعليمة الوزارية المشتركة 003 اكتوبر201511/13/2015, 23:56 من طرف attouhoucine» مخطط الامن الداخلي 8/24/2015, 00:15 من طرف REZAIGUIA ABDELGHANI » برنامج الشهادة المدرسية ابتدائي8/9/2015, 10:33 من طرف الكاتب رابح » برنامج تسير مركز امتحان 8/9/2015, 10:20 من طرف الكاتب رابح » نموذج لمشورع مؤسسة avec power point7/14/2015, 03:06 من طرف attouhoucine» وهذا برنامج آخر بالإكسال لتنظيم وإجراء امتحان رسمي.5/8/2015, 00:54 من طرف عبد العزيز حواس» برنامج تطبيقي خاص بمراكز إجراء الامتحانات الرسمية5/8/2015, 00:06 من طرف عبد العزيز حواس» مشـــروع المـــؤســـسة4/20/2015, 17:56 من طرف mhamed » التعبير في السنة الخامسة 2/13/2015, 20:02 من طرف عبد العزيز حواس» ضرب التلميذ في القانون الجزائري2/13/2015, 19:53 من طرف عبد العزيز حواس» دفتر إلكتروني للسنة الثالثة، الرابعة والخامسة2/13/2015, 19:26 من طرف عبد العزيز حواس» إحصائيات تلاميذ الإكمالي2/9/2015, 22:52 من طرف ouchabane ahcene » رسالة الى المسؤول عن المنتدى1/26/2015, 21:16 من طرف attouhoucine» اصل كلمة أوروبا12/14/2014, 18:56 من طرف attouhoucine» النظام الداخلي للمؤسسات التربوية 10/26/2014, 16:05 من طرف attouhoucine» التعايش السلمي 10/26/2014, 15:48 من طرف attouhoucine» التنظيم الإداري8/26/2014, 12:22 من طرف cheriet larbi » مشروع النظام الداخلي 8/13/2014, 21:21 من طرف attouhoucine» استخراج شهادات مدرسية7/9/2014, 01:07 من طرف الأزرقاني » أنشودة وطنية ( من جبالنا)3/8/2014, 02:43 من طرف عبد العزيز حواس» أنشودة وطنية 3/8/2014, 02:33 من طرف عبد العزيز حواس» CCLEANER V1.40.5203/8/2014, 02:22 من طرف عبد العزيز حواس» برنامج الصحف الجزائرية3/8/2014, 02:03 من طرف عبد العزيز حواس» النشرة الرسمية 2013-2014 للتربية الوطنية.3/7/2014, 02:23 من طرف attouhoucine» دور مشروع المؤسسة في تطوير المؤسسة3/7/2014, 02:12 من طرف attouhoucine» خصائص الفكر التربوي العربي المعاصر وملامحه العامة3/7/2014, 02:10 من طرف attouhoucine» تطـور الفكـر التربـوي 3/7/2014, 02:01 من طرف attouhoucine» آراء في التربية 3/7/2014, 01:59 من طرف attouhoucine» نتائج السنة الخامسة ابتدائي3/7/2014, 00:26 من طرف عبد العزيز حواس» نتائج التلاميذ خـــلال كل ثلاثي ثم سنوي3/7/2014, 00:06 من طرف عبد العزيز حواس» نموذج بطاقة توزيع شهري3/6/2014, 23:35 من طرف عبد العزيز حواس» دليل عملي خاص بمخطط النجدة في المؤسسات التربوية 3/5/2014, 00:30 من طرف attouhoucine» البيداغوجية الفارقية3/5/2014, 00:11 من طرف attouhoucine» بطاقة زيارة خاصة بالتحضير المادي3/2/2014, 00:02 من طرف attouhoucine» بكالوريـا -ع . ت والشعب المشتركة من 2008 - 20123/1/2014, 22:18 من طرف attouhoucine» تمارين البكالوريا - الدوال العددية+لدوال اللوغاريتمية+الهندسة الفضائية 3/1/2014, 22:01 من طرف attouhoucine» الرياضيات للمراجعة في البكالوريا 3/1/2014, 22:00 من طرف attouhoucine» تمارين بكالوريا 2013 مع حلولها - 3 وحدات3/1/2014, 21:57 من طرف attouhoucine» ملخّص وسلسلة تمارين الوحدة 3 - RC +ملخّص وسلسلة تمارين الوحدة 3 - RL 3/1/2014, 21:55 من طرف attouhoucine» ملخّص وسلسلة تمارين الوحدة 3 - RC 3/1/2014, 21:53 من طرف attouhoucine» دفتر التنقيط الجديد3/1/2014, 21:52 من طرف attouhoucine» ائمة الأعمال التطبيقية - الملتقى الوطني أيام 10 - 11 - 12 نوفمبر 20133/1/2014, 21:51 من طرف attouhoucine» preparatiopn bac de ce jours3/1/2014, 21:50 من طرف attouhoucine» ثورة الاتصالات3/1/2014, 20:55 من طرف attouhoucine» اختبار الفصل الثاني في التاريخ3/1/2014, 01:21 من طرف attouhoucine |
|
| ابن خلدون وابتكار علم الاجتماع بحث في اللغة العربية | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
attouhoucine
المساهمات : 205 تاريخ التسجيل : 01/01/2014 العمر : 53 الموقع : algerie
| موضوع: ابن خلدون وابتكار علم الاجتماع بحث في اللغة العربية 2/22/2014, 22:44 | |
| ابن خلدون وابتكار علم الاجتماع بحث في اللغة العربية
خلاصة—هذا البحث يبحث فى ابن خلدون وابتكار علم الاجتماع الكلمات المفتاحية: الحضارات، تاريخ التربية، علم اجتماع التربية I. المقدمة يعتبر العالم المسلم ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع فرغم قدم الإنسان نفسه إلا أن هذا العلم لم يظهر إلا على يد ابن خلدون حيث يتناول هذا العنصر من هو ابن خلدون حياته ونشأته وأهم كتبه.
II. موضوع المقالة في مجال العلوم الإنسانية والفكرية كان للمسلمين دور بارز ورائد؛ حيث ابتكروا علومًا راقية, فاهتموا بالجانب الاجتماعي الإنساني، وكذلك ابتكروا علومًا مهمة خاصة بالشريعة الإسلامية, وأخرى خاصة باللغة العربية. تعريف علم الاجتماع: يعرف معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية علم الاجتماع بأنه: دراسة وصفية تفسيرية مقارنة للمجتمعات الإنسانية كما تبدو في الزمان والمكان، والتوصل إلى قوانين التطور التي تخضع لها هذه المجتمعات الإنسانية في تقدمها وتغيرها. موضوع علم الاجتماع:
يحدد علم الاجتماع موضوعه بأنه دراسة الظواهر الاجتماعية التي تظهر نتيجة لتجمع الناس معًا، وتفاعل بعضهم مع بعض، ودخولهم في علاقات متبادلة، وتكوين ما يطلق عليه بالثقافة المشتركة؛ حيث يتفق الناس على أساليب معينة في التعبير عن أفكارهم، كما أنهم يتفقون على قيم محددة وأساليب معينة في الاقتصاد، والحكم، والأخلاق، وغيرها. وتبدأ الظواهر الاجتماعية بالتفاعل بين شخصين أو أكثر، والدخول في علاقات اجتماعية، وحينما تدوم هذه العلاقات وتستمر تشكل جماعات اجتماعية، وتعدّ الجماعات الاجتماعية من الموضوعات الأساسية التي يدرسها علم الاجتماع. وهناك موضوع آخر يدرسه علم الاجتماع, يتمثل في العمليات الاجتماعية كالصراع، والتعاون، والتنافس، والتوافق، والترتيب الطبقي، والحراك الاجتماعي، كما أن التغير في الثقافة وفي البناء الاجتماعي أحد ميادين الدراسة في علم الاجتماع، كما أن هناك النظم الاجتماعية، وهي الأساليب المقننة والمقررة للسلوك الاجتماعي، وكذلك الشخصية، وهي العامل الذي يشكل الثقافة، ويتشكل من خلالها.
ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع: على الرغم من أن التفكير الاجتماعي قديم قدم الإنسان نفسه, إلا أن الاجتماع الإنساني لم يصبح موضوعًا لعلم إلا في فترة لاحقة، وكان أول من نبه إلى وجود هذا العلم واستقلال موضوعه عن غيره, ووضع أسسه وابتكره هو العالم المسلم ابن خلدون. فقد صرح في عبارات واضحة أنه اكتشف علمًا مستقلًّا لم يتكلم فيه السابقون؛ إذ يقول: "وكأن هذا علم مستقل بنفسه، فإنه ذو موضوع، وهو العمران البشري والاجتماع الإنساني، وذو مسائل، وهي بيان ما يلحقه من العوارض والأحوال لذاته واحدة بعد أخرى، وهذا شأن كل علم من العلوم, وضعيًّا كان أو عقليًّا". ويقول: "واعلم أن الكلام في هذا الغرض مستحدث الصنعة غريب النزعة، أُعثر عليه بالبحث وأدى إليه الغوص، وكأنه علم مستنبط النشأة، ولعمري لم أقف على الكلام في منحاه لأحد من الخليقة، ما أدري ألغفلتهم عن ذلك, وليس الظن بهم؟ أو لعلهم كتبوا في هذا الغرض واستوفوه، ولم يصل إلينا؟". كما أنه لم يكتفِ بذلك، بل دعا القادرين إلى استكمال ما نقص منه؛ فقال: "ولعل من يأتي بعدنا -ممن يؤيده الله بفكر صحيح وعلم مبين- يغوص في مسائله على أكثر مما كتبنا، فليس على مستنبط الفن إحصاء مسائله، وإنما عليه تعيين موضع العلم وتنويع فصوله وما يتكلم فيه، والمتأخرون يلحقون المسائل من بعده شيئًا فشيئًا إلى أن يكمل". إضافة إلى ذلك, فإن مقدمته شملت على أقل تقدير سبعة من فروع علم الاجتماع المعاصر, ناقشها ابن خلدون في وضوح تام. ولكن على الرغم من ذلك، وعلى الرغم من قول عالم الاجتماع النمساوي الشهير جمبلوفتش: "لقد أردنا أن ندلل على أنه قبل أوجست كونت، بل قبل فيكو الذي أراد الإيطاليون أن يجعلوا منه أول اجتماعي أوربي جاء مسلمًا تقيًّا؛ فدرس الظواهر الاجتماعية بعقل متزن، وأتى في هذا الموضوع بآراء عميقة، وإن ما كتبه هو ما نسميه اليوم علم الاجتماع"، وعلى الرغم من ذلك كله؛ فإن التأريخ لعلم الاجتماع يقف عند الفرنسي كونت باعتباره المنشئ الأول لهذا العلم، ويتجاهل بذلك المؤسس الحقيقي لهذا العلم, الذي نبه عن وعي وفي وضوح إلى اكتشافه لهذا العلم. وقد شهد المنصفون بأن أوجست كونت استمد كثيرًا من آرائه ونظرياته من مقدمة ابن خلدون؛ فابن خلدون يمثل نقطة تحول في كتابة التاريخ الإنساني وفي تأسيسه لعلم الاجتماع، فقد هز الفكر الإنساني العالمي بذلك؛ إذ وضع خطة جديدة وآراء جديدة، بل وضع قوانين جديدة يمكن تطبيقها، وتنسحب على كل المجتمعات البشرية انطلاقًا من أن الإنسان لا يعيش إلا في مجتمع، وإذا عاش في مجتمع فلا بد أن يعيش مع شعب، وإذا عاش مع شعب فلا بد أن يعيش على أرض، ولكي تظل العلاقة قائمة بين هؤلاء الناس، أو القبائل، أو الشعب، أو هذه المجموعة البشرية لا بد من أن ينظمها حاكم، وأنواع الحاكم تدرجت من حاكم بسيط -أي شيخ قبيلة- إلى حاكم مطلق، واستطاع أن يستخدم كل الوسائل التي هيأها له هذا التجمع البشري أو هذا العمران، واستطاع أن يستغل هذا ويصبح هو الحاكم المطلق، وإذا أصبح حاكمًا مطلقًا استطاع أن يؤسس دولة، فإذا أسس الدولة التي طبق عليها ابن خلدون نظريته؛ مرت الدولة بمراحل مختلفة، هذه المراحل وجدت صحة في التطبيق في واقع الحياة.
ابن خلدون؛ حياته ونشأته: ويهمنا هنا أن نلقي بعض الضوء على ابن خلدون منشئ هذا العلم؛ فهو أبو زيد عبد الرحمن بن خالد الحضرمي، مولده بتونس في غرة رمضان عام 732، ورحل إلى فاس، وغرناطة، وتلمسان، والأندلس، كما توجه إلى مصر. وقد نشأ ابن خلدون في بيت علم ومجد عريق، وحفظ القرآن في وقت مبكر من طفولته، وكان أبوه هو معلمه الأول، كما درس على يد مشاهير علماء عصره، وقد اتجه إلى الوظائف العامة بعد موت عامة أساتذته, في الطاعون الذي أصاب بلادهم. رحل ابن خلدون إلى غرناطة تاركًا أسرته بفاس، ثم عاد إلى وهران بالجزائر ليستقر في قلعة ابن سلامة هو وأهله أربع سنوات، ومن هنا بدأت مسيرته مع كتابه (العبر في ديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر, ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر)، لتكون مقدمة هذا الكتاب أول وأشهر مقدمة صُنِّفت في علم الاجتماع، وشئون الاجتماع الإنساني وقوانينه، وقد عالج فيها ما يطلق عليه الآن المظاهر الاجتماعية، أو ما أطلق عليه هو واقعات العمران البشري، أو أحوال الاجتماع الإنسان.
(مقدمة ابن خلدون): بسط ابن خلدون في (المقدمة) كل ما لديه من علم ومعرفة؛ فجاءت شيئًا ثمينًا، بل متقدمة جدًّا على العصر الذي كتبت فيه، وهي تحتوي على ستة فصول: الأول: في العمران البشري وهي تقابل علم الاجتماع العام، وقد درس ابن خلدون ظواهر المجتمع البشري، والقواعد التي تسير عليها المجتمعات. الثاني: في العمران البدوي، وقد درس الاجتماع البدوي كاشفًا أهم خصائصه المميزة، وأنه أصل الاجتماع الحضاري وسابق عليه. اشتمل الفصل الثالث على الدولة، والخلافة، والملك، وهو يقابل علم الاجتماع السياسي، وقد أرسى قواعد الحكم والنظم الدينية وغيرها. الرابع: في العمران الحضري، وهو ما يقابل علم الاجتماع الحضري، وقد شرح جميع الظواهر المتصلة بالحضر، وأصول المدنية، وأن التحضر هو غاية التمدن. الخامس: في الصنائع، والمعاش والكسب، وهو ما يقابل علم الاجتماع الاقتصادي، وقد درس تأثير الظروف الاقتصادية على أحوال المجتمع. السادس: في العلوم واكتسابها، وهو ما يقابل علم الاجتماع التربوي، وقد درس الظواهر التربوية وطرق التعلم وتصنيف العلوم. كما درس ابن خلدون الاجتماع الديني والقانوني رابطًا بين السياسة والأخلاق، والحقيقة الظاهرة أن أحدًا قبل ابن خلدون لم يعرض لدراسة الظواهر الاجتماعية دراسة تحليلية, أدت إلى نتائج ومقررات مثل تلك التي أدت إليها دراسة ابن خلدون؛ ذلك أن المفكر المسلم الفقيه درس الظواهر الاجتماعية من خلال الإخبار التاريخي السليم مثلما يدرس العلماء علوم الفيزياء، والكيمياء، والرياضيات، والفلك؛ وبذلك يكون أول من أخضع الظواهر الاجتماعية لمنهج دراسي علمي, انتهى به إلى كثير من الحقائق الثابتة التي تشبه القوانين. وعليه، فإن ما توصل إليه ابن خلدون من النظريات يظل عملًا رائدًا في ميدان الدراسات الاجتماعية, وفي مسيرة الفكر الإنساني. ونجد أن ابن خلدون قد تمتع بمكانة علمية عالية, سواء على المستوى العربي أو العالمي، فقد قال عنه المؤرخ الإنجليزي توينبي: "في المقدمة التي كتبها ابن خلدون في تاريخه العام, أدرك وتصور وأنشأ فلسفة التاريخ، وهي بلا شك أعظم عمل من نوعه, خلق -أي: عقل- في أي زمان".
وكان لابن خلدون فلسفته الخاصة، والتي بنى عليها بعد ذلك أفكاره ونظرياته في علم الاجتماع والتاريخ؛ حيث عمل على التجديد في طريقة عرضهم، فقد كان رواة التاريخ من قبل ابن خلدون يقومون بخلط الخرافات بالأحداث، هذا بالإضافة لتفسيرهم التاريخ استنادًا إلى التنجيم والوثنيات؛ فجاء ابن خلدون ليحدد التاريخ بأنه في ظاهره لا يزيد على أخبار عن الأيام والدول، وفي باطنه نظر وتحقيق وتعيين للكائنات ومبادئها، وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها؛ ذلك لأن التاريخ هو خبر عن المجتمع الإنساني الذي هو عمران العالم، وما يعرض لطبيعة هذا العمران من الأحوال. وعلى الرغم من اعتراض ابن خلدون على آراء عدد من العلماء السابقين, إلا أنه كان أمينًا سواء في عرضه لهذه الآراء والمقولات أو نقده لها، وكان يرجع آراءهم غير الصحيحة في بعض الأمور؛ نظرًا لجهلهم بطبائع العمران وسنة التحول، وعادات الأمم وقواعد السياسة، وأصول المقايسة.
سعى ابن خلدون دائمًا من أجل الاطلاع والمعرفة؛ فكان مطلعًا على آراء العلماء السابقين، فعمل على تحليل الآراء المختلفة ودراستها، ونظرًا لرحلاته في العديد من البلدان في شمال إفريقيا والشام والحجاز، وعمله بها، واطلاعه على كتبها؛ فقد اكتسب العديد من الخبرات، وذلك في عدد من المجالات, سواء في السياسة أو القضاء أو العلوم؛ فجاءت أفكاره التي وصلت إلينا الآن تتمتع بقدر كبير من العلم والموضوعية. وقد شغل ابن خلدون عددًا من المهام أثناء حياته، فتنقل بين عدد من المهام الإدارية والسياسية، وشارك في عدد من الثورات؛ فنجح في بعضها وأخفق في الآخر, مما ترتب عليه تعرضه للسجن والإبعاد. تنقل ابن خلدون بين كلٍّ من مراكش، والأندلس، وتونس، ومن تونس سافر إلى القاهرة بمصر، ووجد هناك له شعبية هائلة فعمل بها أستاذًا للفقه المالكي، ثم قاضيًا، وبعد أن مكث بها فترة انتقل إلى دمشق، ثم إلى القاهرة ليتسلم القضاء مرة أخرى، ونظرًا لحكمته وعلمه تم إرساله في عدد من المهام كسفير لعقد اتفاقات التصالح بين الدول، ومع كل المهام التي كُلِّف بها تمكن ابن خلدون من إيجاد الوقت من أجل الدراسة والتأليف.
قدم ابن خلدون عددًا من المؤلفات المهمة، منها: المقدمة الشهيرة، والتي قام بإنجازها عندما كان عمره ثلاثة وأربعين عامًا، وكانت هذه المقدمة من أكثر الأعمال التي أنجزها شهرة، ومن مؤلفاته الأخرى (رحلة ابن خلدون في المغرب والمشرق)، وقام في هذا الكتاب بالتعرض للمراحل التي مر بها في حياته؛ حيث روى في هذا الكتاب فصولًا من حياته بجميع ما فيها من سلبيات وإيجابيات، ولم يضم الكتاب عن حياته الشخصية كثيرًا، ولكنه عرض بالتفصيل لحياته العلمية ورحلاته بين المشرق والمغرب؛ فكان يقوم بتدوين مذكراته يومًا بيوم، فقدم في هذا الكتاب ترجمته ونسبه والتاريخ الخاص بأسلافه، كما تضمنت هذه المذكرات المراسلات والقصائد التي نظمها، وتنتهي هذه المذكرات قبل وفاته بعام واحد؛ مما يؤكد مدى حرصه على تدوين جميع التفاصيل الدقيقة, الخاصة به لآخر وقت. ومن الكتب التي احتلت مكانة مهمة أيضًا, نجد كتاب (العبر وديوان المبتدأ والخبر)، والذي جاء في سبع مجلدات أهمها المقدمة؛ حيث يقوم في هذا الكتاب بمعالجة الظواهر الاجتماعية, التي يشير إليها في كتابه باسم "واقعات العمران البشري". ومن الآراء التي قدمها في مقدمته نذكر: أن الاجتماع الإنساني ضروري، فالإنسان مدني بالطبع، وهو محتاج في تحصيل قوته إلى صناعات كثيرة وآلات متعددة، ويستحيل أن تفي بذلك كله أو ببعضه قدرة الواحد؛ فلا بد من اجتماع القدر الكثير من أبناء جنسه ليحصل القوت له, ولهم بالتعاون قدر الكفاية. وهناك بعض الآراء التي سجلت حول كتاب ابن خلدون وعلم الاجتماع الإنساني؛ حيث يقول بعض أساتذة علم الاجتماع متناولًا بعض الأشياء التي كتبها ابن خلدون: فهناك تفاعل مع النص المرجعي ومشاكله عنها، وأمثال هذه القراءات الموجودة ذات الشهرة تلك الكتبُ التي كتبت عن كتاب ابن خلدون (المقدمة)، فبعض الكتب التي تناولت هذا الأمر تظهر ما لهذا العالِم من أثر كبير، وإثبات لعالمية الأثر، وهي توضح من خلال دراسات منهجية وعلمية نقد القراءات الخلدونية، وما توصلت إليها من خلال بعض الكتابات الأكاديمية الجادة، ومن خلال ما استندت إليه من المراجع والدراسات بشكل نقدي مميز إلى تحقيق الإضافة واكتشاف معالم جديدة في فكر ابن خلدون، فبعض الكتب تعتبر قراءة جديدة مجددة لفكر ابن خلدون في علاقته بعلم الاجتماع من خلال المراجع والدراسات، ومن خلال إعادة بناء المفاهيم الخلدونية، وفق مقاربة بنائية من خلال عقد الصلة بين العصور المختلفة.
وهناك من يرى أن ابن خلدون ابن عصره، استقى فكره ومفاهيمه من سابقيه؛ ومن أجل ذلك نراه يبحث في مصادر ابن خلدون من خلال التركيب في النصوص التراثية, والحرص على متابعة نقاط الاتصال والانفصال بين ابن خلدون والغزالي وغيره ممن أخذ عنهم كاتب (المقدمة)، وقد تبين ما في هذا الكتاب من مفاهيم مرجعية مثل: العلم، والتاريخ، والعمران. وصاحب (المقدمة) قد تجاوز عالم عصره؛ لأنه تخطى مضامين المفاهيم الرائجة ليضع أسس علمه الجديد، وهو علم الاجتماع الإنساني, مولدًا إياه من مفهوم العمران البشري السائد في عصره. أيضًا ما عرضه ابن خلدون من مفهوم عن الحضارة والإنسان، وتوصله إلى الفكر العالمي المعاصر في مناقشته لقضايا الإنسان والحضارة؛ ففكر ابن خلدون وليد ثورة أحدثها في عصره، تمتد نتائجها في علوم الإنسان والتاريخ، وتخط التاريخ نحو عصرنا ومستقبل العصور القادمة، فالمقدمة تحتاج إلى إعادة القراءة لنص المقدمة، والنظر في مشروع المجتمع الحضاري والمعرفي المعاصر، واستشراف مستقبل الحضارة الإنسانية الجريحة والمتعثرة الخطى, إذ ما تزال الأزمات إلى حد عصرنا جاثمة على تاريخ الحضارات، وتماسك الإنسان بعد على الرغم من قرون ستة مضت طليقة إلى التحرر من حيوانيته وبناء ذاته الإنسانية، واكتساب حريته. وهذا ما تؤكده نظريات القرن العشرين في الحضارة، وقد تناولها مؤلف هذا الكتاب بالدراسة والتحليل, كاشفًا عن نقاط التقارب والتباعد بينها، وبين تناول ابن خلدون لمسألة الحضارة, وهذا يأتي استفادة من فكر ابن خلدون انطلاقًا من حرصه على قيم العقلانية والسياسة الرشيدة، وبحثه في المعرفة والعلم، واهتمامه الجلي بالإنسان وعنايته بتطوير ملكاته. كذلك لا بد أن نبحث عن رسالة ابن خلدون الضائعة بين السطور؛ لنهتدي إلى الفكرة القائلة بأن الإنسان هو الثروة الأولى, من خلال مشروع خلدوني لم يتسن لابن خلدون أن يصممه، وأن الإنسان محور أزمة الحضارة ومنطلق الحلول. صحيح أنه لم يضبط أسس المشروع الحضاري، لكنه قد عبر بفكره عن أزمة الحضارة والإنسان، وأشاد في المقابل بدور التعليم والسياسة الرشيدة، ويبقى للأجيال اللاحقة استكمال المشروع الإنساني والمعرفي، والتقدم على خطى التنوير الخلدوني، وبناء درب الحضارة والمعرفة. تناول الكتاب مفاهيم ابن خلدون في نسق يقود القارئ إلى بناء مفهوم علم الاجتماع الإنساني محور البحث في هذا العمل, وموضوعه أيضًا ما بحثه المؤلف في مفهوم العلم في عصر صاحب المقدمة, في محاولة تميزت بجهد ودقة وحذر علمي أدى إلى تثبيت مقومات العلم عند ابن خلدون، ومتابعة حضورها في علمي التاريخ والاجتماع.
أيضًا قام بدراسة البيئة الثقافية, والمرجعيات الفكرية والدينية التي استقى منها ابن خلدون مواقفه، وعقلانيته، ومفاهيمه؛ ولذلك تجنب الوقوع في الإسقاط الشائع في القراءات الخلدونية، أيضًا والوقوف على فهم ما استفاده ابن خلدون من معارف عصره، والكشف عما أضافه ابن خلدون من أفكار ومعانٍ تطورت، مما يروج من المفاهيم في سابق عصره، وأدت لتأسيس وإنجاز علم الاجتماع البشري.
أزمة الحضارة والإنسان: يختزل مفهوم الحضارة عمق الأزمة بأبعادها التاريخية والمجتمعية, التي عايشها ابن خلدون ونقلها في مؤلفاته، هذا ما يكشفه بعض المؤلفين حيث المقدمة من بائها إلى يائها وقفة تأمل في أزمة الحضارة، ومحاولة شبه يائسة للخروج من أزمة طغى عليها التسليم بقدر تحول العمران إلى خراب، والحضارة إلى موت وانحلال. فهناك تعدد المعاني والأوجه المتعلقة بمفهوم الحضارة عند ابن خلدون، وتداخل الأحكام الذاتية بالمسارات التاريخية الموضوعية، وتبرز الحضارة مثل المرحلة النهائية في التطور العمراني الحضاري؛ لتؤدي إلى المرحلة النهائية من مراحل تطور العمران، أي: نهايته وانهياره. ويجد ابن خلدون في التصور الدائري تعزية لنفسه وقبولًا بمصير حضارته المنكسرة، والآذنة بالتراجع والتقهقر بعد أن حل بالمغرب ما حل بالمشرق، وانهارت الدول، وخربت الأمصار والعواصم، وانتشرت الأوبئة والفتن والنزاعات. كذلك ما بحث في بعض الكتب عن حضور الإنسان وأزمته, فيما كتبه ابن خلدون من خلال علاقة الإنسان ببناء العمران الحضاري وانهياره، وكل هذا يحملنا على إعادة اكتشاف ابن خلدون من منظور الإنسان المعاصر والمتخصص في علم الاجتماع، وهو ما نحتاجه اليوم أكثر من أي وقت مضى؛ لأن قرنًا من الدراسات الخلدونية لم يكن كافيًا لفك رموز نص ابن خلدون، والاستفادة منه في واقع العولمة والهيمنة الثقافية اليوم.
ونقف عند بعض الأشياء التي ذكرتها موسوعة ويكيبيديا، فمن هذه الأشياء النظرياتُ والإنجازاتُ التي قام بها ابن خلدون (علم التاريخ), فتقول هذه الموسوعة: لقد تجمعت في شخصية ابن خلدون العناصر الأساسية النظرية والعملية, التي تجعل منه مؤرخًا حقيقيًّا, رغم أنه لم يولِ في بداية حياته الثقافية عناية خاصة بمادة التاريخ؛ ذلك أنه لم يراقب الأحداث والوقائع عن بعد كبقية المؤرخين، بل أسهم إلى حد بعيد ومن موقع المسئولية في صنع تلك الأحداث والوقائع خلال مدة طويلة من حياته العملية تجاوزت خمسين عامًا، وضمن بوتقة جغرافية امتدت من الأندلس وحتى بلاد الشام.
فقد استطاع أن يوضح أن الحقائق التاريخية لا تحدث بمحض الصدفة، أو بسبب قوى خارجية مجهولة، أو قوى مؤثرة لا نعلمها؛ بل هي نتيجة عوامل كامنة داخل المجتمعات الإنسانية. كذلك انطلق في دراسته للأحداث التاريخية من الحركة الباطنية الجوهرية للتاريخ، فعلم التاريخ -وإن كان لا يزيد في ظاهره عن أخبار الأيام والدول- إنما هو في باطنه نظر، وتحقيق وتعليل للكائنات ومبادئها دقيق، وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق؛ لذلك فهو أصيل في الحكمة عريق، وجدير بأن يعد في علومها وخليق المقدمة؛ فهو بذلك قد اتبع منهجًا في دراسة التاريخ يجعل كل أحداثه ملازمة لعمران البشرية، وتسير وفق قانون ثابت. يقول: فالقانون في تمييز الحق من الباطل في الأخبار بالإمكان, والاستحالة أن ننظر في الاجتماع البشري الذي هو العمران، ونميز ما يلحقه لذاته أو بمقتضى طبعه، وما يكون عارضًا لا يعتد به، وما لا يمكن أن يعرض له، وإذا فعلنا ذلك كان ذلك لنا قانونًا في تمييز الحق من الباطل في الأخبار، والصدق من الكذب بوجه برهاني لا مدخل للشك فيه، وحينئذ فإذا سمعنا عن شيء من الأحوال الواقعة في العمران؛ علمنا ما نحكم بقبوله مما نحكم بتزييفه، وكان ذلك لنا معيارًا صحيحًا يتحرى به المؤرخون طريق الصدق والصواب فيما ينقلونه. وهكذا؛ فهو إن لم يكتشف مادة التاريخ فإنه جعلها علمًا، ووضع لها فلسفة ومنهجًا علميًّا نقديًّا، فنقلها من عالم الوصف السطحي، والسرد غير المعلل إلى عالم التحليل العقلاني، والأحداث المعللة بأسباب عامة منطقية ضمن ما يطلق عليه الآن بالحتمية التاريخية، وذلك ليس ضمن مجتمعه فحسب، بل في كافة المجتمعات الإنسانية وفي كل العصور، وهذا ما جعل منه أيضًا وبحق أول من اقتحم ميدان ما يسمى بتاريخ الحضارات، أو التاريخ المقارن.
علم الاجتماع: أصبح من المسلم به تقريبًا في مشارق الأرض, ومغاربها أن ابن خلدون هو مؤسس علم الاجتماع، أو علم العمران البشري كما يسميه، وقد تفطن هو نفسه إلى هذه الحقيقة عندما قال في مقدمته, التي خصصها في الواقع لهذا العلم الجديد: "وهذا هو غرض هذا الكتاب الأول من تأليفنا، وهو علم مستقل بنفسه, موضوعه العمران البشري والاجتماع الإنساني، كما أنه علمٌ يهدف إلى بيان ما يلحقه من العوارض والأحوال لذاته, واحدة بعد الأخرى، وهذا شأن كل علم من العلوم, وضعيًّا كان أو عقليًّا، واعلم أن الكلام في هذا الغرض مستحدث الصنعة، غريب النزعة، غزير الفائدة، أعثر عليه بالبحث وأدى إليه الغوص". ويبدو واضحًا أن اكتشاف ابن خلدون لهذا العلم قاده إليه منهجه التاريخي العلمي, الذي ينطلق من أن الظواهر الاجتماعية تخضع لقوانين ثابتة، وأنها ترتبط ببعضها ارتباط العلة بالمعلول. | |
| | | | ابن خلدون وابتكار علم الاجتماع بحث في اللغة العربية | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |