علـم التربيـة وأســســـــــه الفصل 1
الفصل الأول
علم التربية:هو العلم الذي يهتم بنقل العلوم العقلية والروحية والعملية من جيل إلى آخر، كما يعمل على حفظ الثقافة ويركز على العمليات التعليمية التي تقوم بها المؤسسات التعليمية الخاصة والعامة، ويؤدي إلى تطور الإنسان بما يتفق ومدخرات مجتمعه المادية والروحية(1).
ولمعرفة علم التربية هناك ثلاثة نقاط يتحتم مناقشتها هي: مفهوم العلم، تطور الدراسة العملية والعلمية للتربية، ومجالات علم التربية.
أولاً: مفهوم العلم:
العلم نشاط اجتماعي وفكر إنساني، والعلم دائماً في صراع مع البيئة لتحقيق نمو وقوة أفراد المجتمع، وهذا الصراع هو سر تقدم المجتمع البشري ونموه، ويعتبر العلم المادي وسيلة لتقدم المجتمع وتطوره، فاكتشاف الكهرباء مثلاً غير الكثير من أساليب وعادات أفراد المجتمع قديماً، فأصبح البناء المعماري يتلاءم مع معطيات الكهرباء.
والعمل المتطور يستمد مقوماته من مشاكل وحاجات المجتمع، فتقدم المجتمع مرهون بتقدم العلم، ويساعد العلم في الحفاظ على قيم المجتمعات وتقاليدها، وتعتبر التربية الوسيلة الوحيدة لنقل العلم(2).
ثانياً- تطور الدراسة العلمية والعملية للتربية: الملاحظة والمحاولة والصدفة ودراسة تاريخ الأمم السابقة أدى إلى وضوح الرؤية لمفهوم التربية فالمزارع أثناء ممارسته لحرفة الزراعة لاحظ أن بعض التربة صالح للزراعة وبعضها الآخر غير صالح، ويمكن أن تستصلح الأرض غير الصالحة عن طريق تسميدها.
وجد المزارع أن أكثر النباتات لا تنمو في الأماكن المظلمة ولو عرضت تلك النباتات للضوء لنمي ون ذلك استنتج أهمية الضوء بالنسبة للنباتات، ووجد أن بعض النباتات تمرض، واكتشف أسباب أمراضها وطريقة الوقاية منها، ووجد الدواء المناسب لكل مرض.
ومن تلك الملاحظات بدأت الزراعة كعلم أساسه الملاحظة والتجربة، وعلم التربية يشبه في ظهوره علم الزراعة، فالمربي خلال خبرته مع الطلاب والمنهج لاحظ أن بعض الطلاب يتميزون بقدرات عقلية واستيعابية أحسن من غيرهم، وأن بعض المناهج تصلح لبعض الطلاب ولا تصلح للبعض الآخر، وأن هناك عوائق نفسية واجتماعية تؤثر على تحصيل الطلاب، واستطاع المربي من خلال خبرته التعليمية أن يعرف أسباب العوائق وأن يجد لها الحل الأمثل، واستطاع المدرس من خلال تفاعله مع الطلاب معرفة أن لكل مرحلة عمريه قدرات معينة، فصاغ المنهج التعليمي ليتماشى مع المستوى الفكري والعمري لكل منها.
ونشأ علم التربية من خلال الممارسات التربوية، ويعد السفسطائيون "المشائون" وهم من أتباع ارسطو في العهد الإغريقي أول من خطى الخطوة الأولى لإظهار التربية كعلم له أسسه وطرق تدريسه حيث كانوا يجادلون الناس بقرع الحجة بالحجة.
وفي العصور الوسطى زاد عليه المسلمون مما أفاء الله عليهم من مناهج ربانية ومما جادت به عبقريتهم، ومما جعل لعلم التربية استقلالية هو انتشار الحركة العلمية للتربية في القرن العشرين حيث ظهرت عدة عوامل ساعدت على تطور الدراسة العلمية والعملية للتربية هي:
أ- انتشار المبادئ الديمقراطية:الديمقراطية في التعليم هي إعطاء جميع أفراد المجتمع حرية التعليم، حيث كان التعليم خاص بالصفوة من أبناء المجتمع فكان في متناول أبناء الأغنياء والوجهاء، وعند ظهور الديمقراطية أصبح التعليم حق لكل فرد سواء غني أو فقير.
والأسباب التي أدت إلى ظهور الديمقراطية في الغرب كثيرة منها: ظهور الثورة الفرنسية التي نادت بفصل الدين عن الدنيا، حيث كانت الكنيسة تتحكم في حرية الأفراد الفكرية والأخلاقية بحجة أن تلك أمور تحددها الكنيسة لأفرادها دون أن يكون لهم الخيار فيما اختارته لهم الكنيسة، ظهور فلسفات تنادي بوجوب ترك الطفل يتصرف في حياته وفق طبيعته مثل فلسفة جان جاك روسو، ظهور مدرسة علم النفس التحليلي التي نادت بأن عدم إشباع الفرد لنزواته يؤدي إلى الإحباط النفسي وصاحب هذه المدرسة سيجموند فرويد.
وإذا نظرنا للديمقراطية الحقيقية لوجدناها متجسدة في الإسلام الذي سبق الغرب بقرون عديدة بمبدأ الحرية في التعليم والتي تتمثل في المساواة وتكافؤ الفرص في التعليم لا فرق بين أسود وأبيض، غني وفقير، ففتحت أبواب المساجد والمدارس للجميع، وجعل التعليم مجاني ولم يحدد بسن أو جنس فمتى وجدت لدى المتعلم الرغبة والقدرة العقلية المناسبة يسرت أمامه جميع الفرص الدراسية، ولقد أوقفت أموال ودخل ثابت من قبل الأغنياء أو الدولة لكي يتمكن الفقراء من مواصلة تعليمهم، وقد نبغ منهم مشاهير نذكر منهم على سبيل المثال: الإمام أبو حامد الغزالي، الإمام الشافعي، والجاحظ. والتعليم في الإسلام كان وما زال واجباً دينياً على كل مسلم ومسلمة وهذا مظهر من مظاهر الديمقراطية(3).
ب- أهم إسهامات علم النفس في التربية:التربية عملية إنسانية مرتبطة بالإنسان فهي تناقش طبيعته، كما أن محورها الثقافة التي تختلف من مجتمع لآخر، فلكل ثقافة تربيتها، هذا ما جعل علم التربية بالغ التعقيد، ويميل إلى الفن أكثر من العلم، ومما ساعد على إبراز التربية كعلم ظهور قواعد علمية مستمدة من علوم مختلفة ذات علاقة بقدرات وميول الإنسان وكيفية تكيفه مع أفراد مجتمعه.
وفي العصور الماضية عاش المجتمع حياة بسيطة خالية من التعقيد، فمتطلبات الحياة بسيطة وقي متناول كل فرد من أفراد المجتمع، وعندما تطورت الحياة وتعقدت حاجات المجتمع، ظهرت حتمياً علوم تطبيقية ساعدت الأفراد على سد احتياجاتهم الآنية وكان أحد هذه العلوم علم النفس(4) الذي كان من أهم إسهاماته الآتي:
1- قوانين التعلم لثورندايك:أعتقد ثورندايك أن مراحل التعليم الأولى ما هي إلا مراحل حسية لا يستطيع فيها الطفل التعرف على الأشياء المجردة، ورأى أن التعليم الحقيقي خاصة في السنوات الأولى من عمر الطفل يجب أن يقوم على مبدأ النشاط الذاتي عن طريق العمل.
كان لرأي ثورندايك صدى إيجابي من قبل كثير من العلماء، منهم جون ديوي الذي طبق مبدأ النشاط الذاتي عملياً بإنشائه مدارس النشاط في شيكاغو، فجعل الأطفال يتعلمون عن طريق الخبرة التي يلمسون مردودها مباشرة من خلال تركيب أجزاء للوصول لكل، والعكس تفكيك كل للوصول للأجزاء.
وكان على الأطفال أن يقوموا برحلات علمية يجمعون خلالها المواد التي تستعمل كمادة دراسية، ثم يناقش الأطفال خبرتهم والصعوبات التي واجهتهم وكيف تغلبوا عليها.
هذا النوع من التعليم كما يعتقد جون ديوي يتناسب مع طلاب المراحل الأولى، إذ لا يكون التعليم قيمة في نفوسهم إذا لم يساهموا فعلياً فيما يلقى عليهم من معلومات(5).
قوانين التعلم لثورندايك هي:أ- قانون المحاولة والخطأ:
هو تكرار المحاولات واستبعاد الغير سار منها حتى يصل المتعلم إلى المحاولة الصحيحة(6) لأن المحاولة السارة تعزز صاحبها للاستمرار فيها، والمحاولة الخاطئة أو المؤلمة تجنب صاحبها الاستمرار فيها، ونحن نستخدم هذا القانون يومياً في جميع شئون حياتنا، فالطالب يمارس أساليب متعددة للمذاكرة، فالأسلوب الذي يمكنه من فهم موضوع المذاكرة بأقل جهد يكون أسلوبه المفضل، ويستبعد الأساليب الأخرى.
ليس غريباً عن الإسلام أسلوب المحاولة والخطأ، فقد أستخدمه رسول الله عليه الصلاة و السلام في تعليم أصحابه فكان عليه السلام يراقبهم وهم يطبقون الإسلام فإن اخطئوا صحح لهم أخطائهم ومن الأمثلة على ذلك حديث المسيء صلاته(7).
عن أبي هريرة رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد فدخل رجلٌ فصلى، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فرد النبي صلى الله عليه وسلم عليه السلام وقال: أرجع فصلي فإنك لم تصل، فرجع الجلُ فصلى كما كان صلى. ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (وعليك السلام) ثم قال: أرجع فصلي فإنك لم تصل حتى فعل ذلك ثلاث مرات. فقال الرجل: والذي بعثك بالحق ما أحسن غير هذا. علمني.قال: إذا قمت إلى الصلاة فكبر. ثم أقرأ ما تيسر معك من القرآن. ثم أركع حتى تطمئن راكعاً. ثم أرفع حتى تعتدل قائماً. ثم أسجد حتى تطمئن ساجداً. ثم أرفع حتى نطمئن جالساً. ثم أفعل ذلك في صلاتك كلها". هذا الحديث مشهور ومعروف عند أهل العلم بحديث المسيء صلاته(
.
ب - قانون الأثر:وهو أن التعلم الذي يشعر فيه الطالب بالسعادة، يتعلم فيه أكثر من التعلم تحت شرط الضيق أو الألم. فالمعلم الذي يثني على طلابه ويعاملهم كأبناء ويكون صديق لهم، يتعلمون منه أكثر من المعلم الذي يعاملهم بقسوة ويغلظ القول فإن الطلاب يجدون صعوبة في تعلم مادته.
ويرتبط قانون الأثر بالثواب والعقاب في التعليم، فقد أثبتت الدراسات السيكولوجية أن بعد المكافأة تتكرر الاستجابات الناجحة المرغوب فيها، وقد يؤدي مجرد الوعد بالمكافأة إلى استجابات ناجحة، والمكافأة قد تكون مادية أو معنوية، والعقاب أو الخوف منه يؤديان إلى كبت الاستجابة المرغوب فيها، ويتضمن العقاب صور ربما تكون لغوية أو غير لغوية كما تشمل التهديد أو عدم إعطاء درجة مرتفعة...الخ(9).
ج- قانون التكرار:وهو أنه كلما كثرت مرات التكرار كلما كان التعلم أسهل، فالطالب الذي يكرر قراءة الشعر يصل إلى مرحلة حفظ ذلك الشعر(10). وتكرار زيارتك لمنزل صديق ييسر لك معرفة منزله من طرق مختلفة. والمنزل الذي تزوره لأول مرة تجد صعوبة في الوصول إليه في المرة الثانية وتخف تلك الصعوبة بتكرار الزيارة.
والطالب الذي يحضر للمادة قبل شرحها ويتابع الشرح فيكون استرجاع المادة له أسهل من طالب لم يطالع المادة إلا قبل الامتحان.
د- قانون- المصاحبة: هو اقتران الشيء بشيء آخر يجعله أكثر تآلفاً من الأشياء المجردة(11) فالطالب الذي شاهد معركة في فيلم سينمائي يكون أسهل في استرجاعه تفاصيلها من الطالب الذي سمعها في موقف تعليمي مجرد، فارتباط العلم بالعمل يكون أكثر فهماً من العلم المجرد.
2- ظهور علم نفس النمو:علم نفس النمو أهتم بالإنسان في مراحل حياته المختلفة، ودرس كل مرحلة من جميع جوانبها الفسيولوجية والاجتماعية والنفسية والعقلية، وأوصى بأن تعطى المواد الدراسية للطلاب بحيث تتوافق مع قدراتهم العقلية وتكون مراعية للفروق الفردية بينهم. وقد قسمت مراحل الإنسان من حيث قدراته العقلية إلى:
المرحلة الأولى: من الميلاد إلى 6سنوات وهي مرحلة ما قبل التمييز وفيها يدرب الطفل على العادات المستحبة عن طريق الثواب والعقاب.
المرحلة الثانية: من 6-12 سنة وهي المرحلة الحسية أو مرحلة التمييز وفيها يستطيع الطفل التمييز بين الأشياء المحسوسة وعلى المعلمين أن يتجنبوا التجريد في هذه المرحلة.
المرحلة الثالثة: من 12-15 سنة وهي مرحلة نمو الذاكرة وفيها تنمو جميع أجهزة الإنسان وتصل الذاكرة إلى قمتها في النمو وعلى المعلمين استغلال نشاط الذاكرة بإعطاء الطلاب المواد الأساسية والتي تعتبر الأساس لمستقبل الطفل العلمي.
المرحلة الرابعة: من 15-18 سنة سن البلوغ وفيها يعي الطالب المجردات فيعطى المواد النظرية ويكون قادراً على أن يستنبط الجزء من الكل أو الكل من الجزء.
المرحلة الخامسة: من 18 فما فوق سن الرشد وفيها يعتمد الإنسان على ذاته ويكون مستقلاً في إصدار أحكامه ويتحمل نتيجة أخطاءه(12).
3- تطور العلوم الطبيعية:العلوم الطبيعية مثل الفيزياء، الكيمياء، الهندسة، الطب، يمكن إجراء التجارب عليها والخروج بنتائج موضوعية لا تقبل الجدال ولا يداخلها الشك.
فعلم الطب مثلاً موضوعه جسم الإنسان ويقوم على علم التشريح، وعلم الأمراض وعلم الأدوية، وكلها علوم يمكن ملاحظة تأثيرها في المعامل عن طريق استخدام المنهج العلمي. أما العلوم الإنسانية مثل التربية، علم النفس، علم الاجتماع...الخ. فهي تحاول الوصول إلى ما وصلت إليه العلوم الطبيعية، فتحول علم النفس من مفاهيم مجردة "ميتا فيزيقية" إلى علم له تجاربه وقوانينه التي أمكن استخلاصها من دراسة سلوك الإنسان والحيوان، وتحول علم الاجتماع من نظريات تفسر طبيعة المجتمع إلى بحث الظواهر الاجتماعية ورصد اتجاهاتها، ولأصبحت للتربية نظرياتها وقوانينها الخاصة كعلم ولا تزال العلوم الإنسانية في تطور تصاعدي للوصول إلى موضوعية العلوم الطبيعية(13).
4- مناهج البحث التربوي:تتكون مناهج البحث التربوي من مناهج البحث العلمية في التربية، والمنطق اللغوي.
أولاً- مناهج البحث العلمية في التربية:لم تهتم التربية التقليدية بتقييم العملية التربوية على أساس من التفكير العلمي السليم، بل قامت على اعتبار الطفل مستودع معلومات فاستخدمت أساليب الحفظ، والنقل، والتكرار، والتقليد، فألزمت الطفل بحفظ المادة العلمية والتي ليس لها علاقة بحياته، أو الضرب مصيره، ولم يكن للطفل مشاركة فعالة في المنهج مما أدى إلى قتل روح الإبداع والابتكار عند الأطفال، وقد ثار المربي الأمريكي جون ديوي على أسلوب التقليديين، وأعاد صياغة العملية التربوية على أساس من التجريب العلمي(14)، فأنشأ منهج البحث العلمي في التربية والذي يتجسد في الخطوات التالية:
1- الشعور بالمشكلة-على المعلم أن يثير فكر الطلاب ويشعرهم بأن هناك غموض في موضوع الدرس وعليهم إزاحة الغموض من خلال التحليل الناقد، أو الدراسة السابقة لنفس الموضوع، أو من خلال الخبرة الذاتية، أو أن يكتشف المعلم عن طريق الملاحظة العفوية أو المباشرة بعض المشكلات التربوية ويسعى لحلها.
2- تحديد وتعريف المشكلة- حتى لا يتشعب موضوع الدراسة، يجب حصره في موضوع واحد ومحدد حتى يمكن دراسته بحيث يكون قابل للبحث وذو جدوى تربوية.
3- تجميع المعلومات عن المشكلة- يتم التجميع عن طريق الدراسات السابقة، أو بالملاحظة، أو الاستبيانات، أو التجريب وذلك بحسب طبيعة المشكلة.
4- تنظيم المعلومات- عن طريق تصنيفها وفق عناصر يمكن دراستها.
5- افتراض فرضيات لحل المشكلة- وذلك بوضع الفروض التي يعتقد بأنها تفسر المشكلة وتصاغ بصيغة النفي أو الإثبات.
6- اختبار الفرضيات- وذلك بأخذ الفروض التي تتفق مع نتائج البحث واستبعاد الفروض التي لا تتفق.
7- النتيجة- وهي الوصول إلى نتائج البحث وكتابة تقرير يثبت صحتها(15).
ثانياً- نظرية التحليل اللغوي:مؤسسها التربوي ويتجنستين، وطورت من قبل آخرين، أفترض ويتجنستين أن اللغة هي العائق الوحيد لغموض العملية التربوية لذلك استخدم المنطق اللغوي لتوضيح الفكر التربوية(16).
ويتكون المنطق اللغوي من:
(1) – واقع المشكلة:
• هل هي مشكلة تربوية.
• هل هي مشكلة غير محلوله.
• هل لهات واقع علمي، بمعنى هل تمت إلى العلم.
• هل هي قابلة للحل.
(2)– الشكل اللغوي:
• هل لغة المشكلة مترابطة.
• هل لغة المشكلة تناقش واقع تربوي فعلي.
(3)– الشكل اللغوي:
• تحليل المفاهيم التربوية.
• إزاحة الغموض(17).
تطبيق نظرية التحليل اللغوي على الفكر التربوي
قبل البدء في التحليل اللغوي يجب أن تحدد المشكلة أو الفكرة المراد تقيمها بأن توصف أو تشرح كما يريدها كاتبها، أي أن تشرح شرحاً موضوعياً وتقيم، ولكن الشرح والتقييم ليس كافيين للحكم على الفكرة التربوية بدون تحليل عناصرها وإيراد الأدلة الموضوعية للتأكد من مصداقية كل جانب من جوانبها، وهناك مراحل لتحليل الفكرة التربوية والتي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار وهي:
1. تحديد الفكرة الأساسية.
2. تحديد الأفكار المنبثقة من الفكرة الأساسية.
3. شرح الفكرة الأساسية والأفكار المنبثقة منها.
4. يجب أن يكون الشرح متناسق بحيث يغطي الموضوع المحدد، وأن تكون عناصره متماسكة وتؤدي إلى نفس هدف المشكلة الأساسية، وأن تكون عناصره غير متعارضة مع بعضها البعض.
5. تحليل المشكلة وعناصرها- يجب أن يعني التحليل اللغوي بمعاني الموضوع، وأن توجد الشواهد العلمية المؤيدة لكل عنصر من عناصر الموضوع والتي يمكن اختبارها موضوعياً، وأن تكون ذات علاقة بالتربية بمعنى أنها تحاول حل أو توضيح مشكلة تربوية.
6. التقييم من خلال تقييم الأسس من حيث موضوعيتها بأن تكون صادقة وتحاكي الموضوعية وأن توضح الأسباب التي تنفي أو تؤيد موضوعية التحليل.
تكون نتيجة التحليل من خلال إثبات جوانب الضعف والقوة في المشكلة محور التحليل، ومن خلال القوة والضعف يستطيع المحلل أن يصيغ توصيات موضوعية تتلاءم مع حجم المشكلة.
مجالات التربيةهي العلوم التي تدرسها التربية وهي:
1. أصول التربية:
أصول التربية هي الأسس التربوية والاجتماعية والنفسية والتاريخية والدينية والطبيعية للفكر التربوي، فمثلاً علاقة الطالب بالمدرس لها جذور دينية وذلك لأن الإسلام يحث الطالب على احترام وتقدير المدرس لذا كل فكرة تربوية يمكن إرجاعها إلى أسسها أو أصولها تعبر عنها لأصول التربية.
الفرق بين أصول التربية وفلسفة التربية
الأصول التربوية تعنى بالناحية التطبيقية كأن يرجع مقرر دراسي معين الحالات النفسية عند الطلاب إلى علم النفس أو استنباط تلك الحالات من علم النفس مباشرة، وعلاقة الطالب بالعبادة مستمد من كتاب الله وسنة رسوله الكريم.
أما فلسفة التربية فتعنى بطبيعة الإنسان، طبيعة التفكير النقدي، وما هي أفضل الطرق لفهم المواد الدراسية.
نستنتج من ذلك أن الفلسفة تركز على الجوانب النظرية، بينما الأصول على الجانب التطبيقية، لذا تعتبر الفلسفة أصول الأصول لأنها تؤدي إلى تطور الأصول.
2- فلسفة التربية:كما سبق فالفلسفة تهتم بالأسس التي تكمن خلف المشكلات وتتناولها بحثاً تأملياً من نواحيها الاجتماعية، والنفسية، والأخلاقية، والتاريخية ..الخ.
ويغطي مجال فلسفة التربية دراسة موضوعات مثل المدارس الفلسفية عبر العصور، الخبرة، المعرفة، والتفكير، والأخلاق، ومعنى الحرية.
3- التربية المقارنة:
تدرس نظم التعليم في جميع بلدان العالم، وتهتم بمقارنة النظريات التربوية وتطبيقاتها في بلاد مختلفة بغرض الوصول إلى كيفية حل المشكلات التربوية، كما تساعد في فهم المشكلات التربوية المحلية وحلها بأسلوب موضوعي، كما تساعد الباحث في معرفة الأسس التي تقوم عليها التربية في مختلف الدول والأديان.
4- تاريخ التربية:هو التاريخ الذي مرت به التربية عبر العصور الإنسانية من بدية العصور البدائية التي انبثقت منها نواة التربية وكيف استخدم البدائيون التربية كوسيلة لسد احتياجاتهم الأساسية ثم كيف تطورت التربية وأصبحت الوسيلة الوحيدة لنقل ثقافة المجتمعات من جيل لآخر، ويستعرض تاريخ التربية كل العصور والوسائل التي استخدمها كل عصر للنهوض بتربية أبناءه وفقاً لمبادئه.
5- علم الاجتماع التربوي:
قال الفلاسفة الإنسان كائن اجتماعي، وقال علماء النفس أن الميل إلى الاجتماع غريزة فطر عليها الإنسان، وقيل أن الميل إلى التجمع حتمية فرضتها ظروف الحياة القاسية لان الإنسان بقدريه المحدودة لا يستطيع أن يلبي كل متطلباته، ومهما اختلفت الآراء فإن الاجتماع ضرورة محتومة ل يقوم مجتمع معين بدونها، وأن إنسانية الإنسان لا تكتمل إلى في مجتمع ومن خلال حياة اجتماعية يتناول فيها الأفراد المصالح المتبادلة.
لا توجد تربية بدون مجتمع ولامجتمع بدون تربية تنظم شئونه، واهم مجالات علم الاجتماع التربوي هي:
1- التنشئة الاجتماعية.
2- المشكلات الاجتماعية.
3- رسم السياسات التعليمية للمدرسة التي هي أصلاً مؤسسة اجتماعية أوجدها المجتمع لسد احتياجاته المهنية ورفع مستوى أفراده ثقافيا(18).